الحج ركن من أركان الاسلام تهفو إليه القلوب المسلمة وتلبي له الأفئدة المؤمنة الموحدة على اختلاف أجناسها وتعدد ألوانها واختلاف قبائلها وأنسابها قائلة: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لم والملك لا شريك لك مستجيبة لذلك النداء الذي أذّن به أبونا ابراهيم عليه السلام فجاءت قوافل المؤمنين من كل فج عميق ليطوفوا بالبيت العتيق (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج)
وقد نصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الحج في الحديث الشريف: "بُني الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان" صحيح الجامع الصغير.
وللحج معان وفضائل يحسن الوقوف عندها واستشعار عظمتها فبمعرفتها نفارق في الأداء ما اعتاد عليه بعض الناس وألِفوه من أداء أفعال دون النظر في مدلولها ومقصودها أو استشعار عظيم أجرها وعلو منزلتها ليسمو المرء عندها ويتيه فرحاً بما حباه الله من فضله ويقدّر النعمة التي أنعم الله بها عليه وخصّه دون خلقه بها فكان من الملبين لنداء ربه والمتّبعين لأفعال نبيّه صلى الله عليه وسلم.
والحج عبادة عظيمة الأجر والثواب يمحو الله تعالى بها الخطيئات ويهدم ما قبلها من السيئات ويرفع بها الدرجات وما أجلّها من طاعة وفريضة ينبغي أن يحرص المسلم على أدائها بالكيفية التي شرعها الله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) البقرة) وكما أدّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: "خذوا عني مناسككم" وبشّر عليه الصلاة والسلام فقال "من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" وقال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"
والحج المبرور هو قصد الكريم وإرادة العظيم وصفاء النية وسلامة الهدف ووضوح الرؤية وإخلاص العمل له جلّ وعلا.